الثورة السورية وسياسة الخبز[1]

ياسر منيف

في أغسطس/آب 2012 هاجمت الطائرات المقاتلة السورية أكثر من 10 مخابز في حلب والمناطق المحيطة بها، فقتلت 60 شخصًا في غارة واحدة و21 آخرين في غارة ثانية. حدثت هذه الهجمات المروّعة، التي استهدفت مدنيين مصطفّين في طوابير الخبز، بعد أسابيع من تحرير حلب الشرقية من قِبل قوات المتمرّدين. في الفترة التي سبقت الهجمات أدّى القتال بين الجيش السوري الحرّ والقوّات الحكومية من أجل اسيطرة على حلَب إلى شحٍ حادّ في مادّة الطحين، نجم عنها إغلاق معظم المخابز. وأصبحت طوابير الخبز الطويلة أمام ما تبقّى منها، أهدافًا سهلة لنظام بشار الأسد.

مثّل استخدام نظام الأسد للخبز كسلاح، منذ بداية الثورة عام 2011 حتى الساعة، استراتيجيّة عسكريّة هامّة. يتناول المقال مسألة الخبز بصفته سلعة مركزية في زمن الحرب والسلم. فضلًا عن كونه أداة سياسية فعّالة في يد النظام. يبدأ المقال بمقدمة عامّة عن الإصلاح الزراعي الذي نفذته النظم المتعاقبة منذ عام 1963 وحتى 2000، والذي كان –ومازال– أحد دعائم سياسات الخبز[2] لدى نظام البعث[3]. يتناول القسم الثاني من المقال استغلال النظام للخبز من أجل تحقيق الاستقرار السياسي، وهو الهدف الذي سعى إلى تحقيقه من خلال شبكة بيروقراطية واسعة في المناطق الريفية تدور حول عمليّة إنتاج الخبز. يتناول القسم الثالث كيفية توظّيف النظام للخبز كسلاح منذ عام 2011 وحتى اليوم، كما يُظهر المقاومة الشعبية لهذا التوظيف مُقدّمًا مدينة منبج شماليّ سوريا نموذجًا.

إصلاح الأراضي الزراعية بصفته أداة سيطرة

كان هدفُ حزبِ البعث الأساسيُ في الستينيات إضعافَ الطبقة الإقطاعية النافذة ومساعدة الفلاحين السوريين على تملّك الأراضي. ولتحقيق هذا الهدف استعان الحزب بسياسة إصلاح الأراضي الزراعية لخلق قاعدة ولاء له في المناطق الريفية. وعبر هذه الإصلاحات سعى الحزب لتهيئة شبكات اقتصادية، سياسية وبيروقراطية متشعّبة تمارس السيطرة على المجتمع الريفي السوري. وقد اعتُبرت إجراءاته تلك بمثابة استمرارية لسياسة بدأت خلال الاتحاد السياسي بين سوريا ومصر، إبّان الجمهورية العربية المتحدة (1958-1961) تحت قيادة جمال عبد الناصر. فأثناء عمر الجمهورية القصير، بنى ناصر تحالفًا مع الطبقات الرأسمالية السورية التي رآها ضرورية لنجاح مشروعه الإنمائي. ومع تصميمه على تدمير الطبقة الإقطاعية، بدأ بتنفيذ عملية إصلاح زراعي شاملة. سعى عبد الناصر لإنهاء اعتماد رجال الصناعة على أوليغاركية مُلّاك الأراضي القوية، كي يدعمَه هؤلاء بدورهم في بناء القطاع الصناعي في سوريا. وذلك من خلال فرض قوانين جديدة لتنظيم مختلف جوانب حياة الفلاحين، وقد اشتملت تلك الإجراءات على تحديد حدٍ أدنى للأجور كما نصّت على تحسين ظروف العمل. إضافة إلى ما سبق ذكره، طالب ناصر جميع الفلاحين بالانضمام إلى الاتحاد العمالي بحلول عام 1960، إلّا أنّ أعضاء الاتحادات كانوا ممنوعين من المشاركة في أية أنشطة يمكن أن تُعتَبَر سياسية، وحُرموا من حقّهم في الإضراب والتظاهر. ومن خلال تنظيمه لحياة الفلاحين سعى نظام ناصر لتقييد قوتهم السياسية، ومن خلال إضعاف طبقة كبار مُلّاك الأراضي ومصادرة أراضيهم وتوزيعها على الفلاحين الفقراء، بدأ ناصر عملية دمج تدريجي للمناطق الريفية السورية بالدورة الرأسمالية. تطلّب هذا المشروع التنموي دعمَ الفلاحين للتحالف الحاكم، مع استخدام الإصلاح الزراعي أداةً لتحقيق تلك الغاية.

عندما سيطر حزب البعث على السلطة عام 1963، تحرك سريعًا لتنفيذ إصلاح زراعي أعمق من الذي بدأه ناصر. وزّع الحزب قطع أراضٍ صغيرة وأنشأ مزارع الدولة التي عمل فيها آلاف الفلاحين معدومي الملكية الزراعية وصغار المُلّاك. رأى منظّرو حزب البعث في عملية الإصلاح الزراعي بالأساس أداةً سياسية، وليس هدفًا اقتصاديًا. فلم يكن الهدف الأساسي من الإصلاح توليد رأس المال اللازم للتصنيع، إنّما بناء مجتمعات ريفية موالية لنظام البعث الجديد.

ومثّل البعث الجديد الذي حكم سوريا من عام 1966 إلى 1970 الفصيل الأكثر راديكالية داخل صفوف الحزب. فقام بتثبيت أسعار الغلال وبدأ بشراء إنتاج الفلاحين. أضعفت تلك السياسات من قوة التجار في حلب ودمشق، والذين قام كثيرٌ منهم في السابق بتخزين المحاصيل لخلق عجز، وبالتالي لرفع الأسعار. كما أحكم البعث سيطرته على المناطق الريفية عبر توسيع شبكة المصرف الزراعي التعاوني. وأنشأ فروعًا جديدة للمصرف في كافة المناطق، بما يشمل المناطق النائية في سوريا. كان المصرف مهمًا للفلاحين المضطرّين إلى الاقتراض لغاية شراء الغلال والأسمدة والوقود لتشغيل الآلات وما إلى ذلك.

ولتجنب تكوُّن حركات اجتماعية مستقلة، أنشأ النظام أيضًا الاتحاد العام للفلاحين في عام 1964.[4] قاد الاتحاد موالون للبعث وأُدير بصيغة الإدارة الهرمية، أي من أعلى إلى أسفل، وبدون الأخذ بآراء الأعضاء. وكان الاتحاد أداة فعالة لتوسيع انتشار الدولة، والحد من استقلالية الفلاحين، وإبقاء رقابة لصيقة على نشاطهم السياسي.

في المحصلة تحرّر الفلاحون من هيمنة الطبقة الإقطاعية، لكن سيطرت عليهم البيروقراطية الجديدة للدولة البعثية المستبدة، وهي العملية التي هدفت الدولة من خلالها إلى السيطرة بقوة على الزراعة. بحلول عام 1965، أصبحت الدولة تسيطر على أغلب القطاعات الصناعية الاستراتيجية، وقُوّضت القوةُ الاقتصاديّة للطبقاتِ الثرية.

عندما استولى حافظ الأسد على السلطة في عام 1970 سَجَنَ قادةَ البعث الجديد وحرّر الاقتصاد تدريجيًا، مع التوصل إلى حلٍ وسط مع القطاع الخاص على حساب الفلاحين والطبقات العاملة. إلا أنّ الأسد اتبّع طريقة ناصر، إذ عزّز من سيطرة الدولة على المناطق الريفية. وبينما لم تملك الدولة إلا النذر اليسير من الأراضي، فقد سيطرت على النشاط الزراعي من خلال نظام الائتمان وتوزيع البذور وشراء إنتاج الحبوب. كان الغرض الرئيسي من هذه الإجراءات تشكيلَ شبكات موالية في المناطق الريفية، حيث حافظت الأوليغاركية المالكة على بعض النفوذ، وذلك رغم الإصلاحات السابقة. وعبر هذه الإجراءات بنى نظام الأسد منظومة زبائنية تدين بالولاء لحافظ الأسد وحده (ولنجله بشار فيما بعد). استخدم الموظفون في الجهاز البيروقراطي سلطتهم المؤسسية في التربّح من هذا النظام الفاسد، وأَثْروا من تأجير الأراضي المملوكة للدولة خارج القنوات المؤسّسية الرسمية، وسيطروا على أراضي كانت تخصّ العشائر. أعادت هذه الممارسات إنتاج بعض جوانب النظام الإقطاعي الذي كان يُفترض بالإصلاح الزراعي أن يدمّره.

ولم تمرّ هذه التصرفات دون ردود فعل. إذ زادت تدريجيًا العداوة بين النخبة الإقطاعية القديمة والتجار السنة وطبقات فقراء الحضر –من جانب– والمستفيدين من إصلاحات الأراضي والأثرياء الجدد من العلويين –من جانب آخر–، مع اندلاع أعمال عنف في حماة وحلب في أواسط السبعينيات. بدأ الإخوان المسلمون بحملة اغتيالات استهدفت ضباط ومناصرين علويّين للنظام، وبلغت ذروتها في ذبح عشرات الطلاب في مدرسة المدفعية في حلب عام 1979. ثمّ وفي مطلع الثمانينيات ارتكبت الأجهزة الأمنية والجيش مجازر مروّعة في حماة وحلب، فقتلت نحو 20 ألف شخص ودمّرت معارضةَ النظام، وكان قوامها جزئيًا البرجوازية المدينيّة الرثة.

ومع أواسط الثمانينيات كان حافظ الأسد قد صفّى أقوى خصومه السياسيين واعتقد أن اللحظة أصبحت سانحة لهدنة اقتصادية مع البرجوازية السورية. سعى إلى فرض سياسة الخصخصة التي رآها ضرورية، وذلك لعدم تمتّع الحكومة بالقدرة المالية على تمويل مزارع إضافية للدولة أو حتى الحفاظ على مزارعها القائمة. سُمح للقطاع الخاص بتملّك كثيرٍ من مزارع الدولة. ثمّ وفي عام 2000 أنهى النظام مِلكية الأراضي الجماعية وأعاد كثيرًا من قطع الأرض إلى مُلّاكها السابقين. إذًا وفي أقل من 20 عامًا، أحدث النظام انتكاسة في إصلاحات الستينيات الخاصة بالأراضي، واستبدلها بتسويَةٍ قاسية استفادت منها الطبقات الوسطى والعليا.

إنشاء السلطة البيروقراطية وبناء البنية التحتية

كان الهدف الرئيسي لحزب البعث من إصلاحات الأراضي هو الحفاظ على الأمن الغذائي، وقد كان ضروريًا لضمان الاستقرار. في السبعينيات كان نظام حافظ الأسد قلقًا من أن يستخدم الغرب الغذاء سلاحًا ضدّه عبر فرض حظر على الحبوب. وعبر إصلاحات الأراضي –التي كانت الدعامة المركزية لبرنامجه الإنمائي الهادف إلى تجنب الاعتماد الاقتصادي على الغرب– سعى النظام إلى ضمان قدرة سوريا على إنتاج قمح كافٍ للاستهلاك المحلي.[5] في البداية ساعد هذا البرنامج الاقتصادي النظامَ على خفض تكلفة السلع الأساسية ومنع انتفاضات الخبز، التي كانت كثيرة في منطقة الشرق الأوسط، وسرعان ما أصبحت سوريا تتمتع بالاكتفاء الذاتي من إنتاج القمح، ما قلّل من اعتمادها على الواردات.

وفي إطار هذه العملية فعّل نظام حافظ الأسد تغييرات في أقسام عديدة من دورة الإنتاج، وذلك من أجل تقليل تكلفة الخبز للمستهلكين. واعتمدت الدولة استراتيجيات عدّة لتشجيع المزارعين على زراعة القمح، بما يشمل التوسّع في أعمال الريّ ودعم أسعار البذور والأسمدة وشراء محصول المزارعين بسعر ثابت وجيّد، وتشجيع المزارعين الذين كانوا يزرعون القطن على الانتقال إلى إنتاج القمح.

إضافةً إلى الريّ، بدأت الدولة السورية خطةً طموحة للطاقة الهيدروليكية، اشتملت على بناء سدود على امتداد البلاد: في عام 1963 عندما تولى البعث السلطة، لم تكن هناك سدود في سوريا. لكن بحلول عام 2001 بلغ عددها 160 سدًا. استخدمت هذه السدود بالأساس في توفير مياه الريّ للزراعة، فيما استعمل بعضها لإمداد البيوت بالمياه وبعضها الآخر لتوليد الكهرباء. كان بناء السدود والمرافق المائية الأخرى جزءًا من عملية بناء الدولة في فترة ما بعد الاستعمار. لكن كثيرًا ما أدّت هذه المشروعات المكلفة –والتي جاءت بإيعاز من قمة السلطة– إلى تهجير السكان وتدمير النسيج الاجتماعي. زادت من امتداد قبضة الدولة، ودَمّرت الشبكات المحلية للتعاون المتبادل وأحلّت محلها نظام رعاية حزب البعث.

كما شكّل حفر الآباء جزءًا من عملية النظام الخاصة بالريّ. أثناء المرحلة الثانية من التحرّر الاقتصادي، في أواسط الثمانينيات،[6] رُفعَت جميع القيود التي كانت مفروضة على حفر الآبار، ما أدّى إلى تضاعف أعدادها في ظرف سنوات قليلة. في عام 2000 عندما أطلق بشار الأسد المرحلة الثالثة من التحرير الاقتصادي، حدثت نفس الظاهرة مرة أخرى. في حين كان لهذه الآبار آثارًا بيئية مدمّرة،[7] فإنّ كمّيّات المياه التي أتاحتها لم تكن كافية للتصدّي لآثار الجفاف. وقد كانت موجة الجفاف الأكثر تدميرًا في التاريخ الحديث تلك التي استمرّت من عام 2006 إلى عام 2009، وكانت آثارها موسَّعة، إذ أدّت إلى خسارة 800 ألف وظيفة، ما أدّى بدوره إلى إطلاق موجة نزوح داخلي لصغار الملاك والعمّال الزراعيين والمزارعين بالمؤاكرة، وقد انتقل كثيرٌ منهم إلى مساكن عشوائية في ضواحي دمشق وحلب ومدن أخرى، حيث انضمّوا إلى احتياطي جيش العمل في المناطق الحضرية الكبرى.

اقترن هذا النزوح السكاني –الناتج عن الجفاف– بالتحرير الاقتصادي الذي بدأه حافظ الأسد في أواخر الثمانينيات (والذي سرّع نجله بشار من عجلته في مطلع الألفية)، ممّا أفضى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

بالمحصّلة، نتج عن تكثيف المنطق الرأسمالي أواخر الثمانينيات اقتلاع أعداد متزايدة من الفلاحين من أراضيهم وتحويلهم إلى عُمّالٍ زهيدي الأرض يَسهُل استغلالهم في مناطق الحضر. نتيجة لهذه العملية تحوّل تدريجيًا نفس هؤلاء الفلاحين، الذين كانوا يمثلون قاعدة موالية لحزب البعث في السبعينيات والثمانينيات، إلى ضحايا للتحرير الاقتصادي، وذلك بالتزامن مع عدّة موجات جفاف إبّان التسعينيات وعقد الألفية. فانعكس مسار إصلاح الأراضي الذي اكتسب الفلاحون بموجبه سلطة أكبر في مواجهة مُلّاك الأراضي، وتحوّل على إثره الفلاحّون لطبقةً تحتاج إلى الضبط والقمع بدلاً من طبقة يمكن كسب ولائها.[8]

ومع حلول أواسط التسعينيات، كان النظام قد حقّق هدف إنتاج ما يكفي من القمح للاستهلاك المحلي، لكن بتكلفة اقتصادية وبيئية هائلة.

استخدام الخبزِ سلاحًا والمقاومة الشعبية

طرأ تحوّلٌ كبير على سياسة الخبز الخاصة بنظام الأسد عندما اندلعت ثورة 2011. حافظ النظام قدر الإمكان –في المناطق التي يسيطر عليها– على شبكاته البيروقراطية وشبكات البنية التحتية. لكن كانت خسارة مناطق البلاد الشمالية من التحديات الرئيسية التي واجهها النظام، وفيها يُنتَج 70 إلى 80 بالمئة من القمح السوري. بحلول عام 2014، انحسرت مساحة الأرض المتوفرة للزراعة من 1.7إلى 1.2 مليون هكتار بسبب الحرب الجارية. وفي العام نفسه، سجّل إنتاج القمح السوري أدنى مستوياته على مدار السنوات الأخيرة، إذ تراجع تحت عتبة الثلاثة ملايين طن، وهو أمر لم يحدث إلا مرتين منذ عام 1995، السنة التي شهدت تحقق الاكتفاء الذاتي. في عام 2012، اضطرّت سوريا إلى استيراد ما بلغ في المتوسط 100 ألف طن قمح شهريًا.[9] أدى تأثير هذه التطوّرات المتضافرة إلى زيادة حادة في أسعار الخبز في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

في عام 2015 أعلن نظام الأسد أنه سيركّز جهوده على «سوريا المفيدة»، أي المناطق التي يراها النظام ضرورية لبقائه، وتشمل حلب ودمشق فضلًا عن المناطق الساحلية بين المدينتين. كانت مناطق شمال سوريا خارج نطاق «سوريا المفيدة» وقد كان النظام مستعدًا لتحويل الأراضي الزراعية هناك إلى أهداف «مشروعة». وضمن تلك الاستراتيجية، دأب نظام الأسد على حرق إنتاج القمح في المناطق الخاضعة للمعارضة، واستخدم الخبز سلاحًا ضد السكان. على سبيل المثال، استهدف النظام مخزن أغذية الراشدية في شمال شرق سوريا، وبدأ قصف طوابير المصطفّين أمام المخابز. وفي الوقت نفسه، حاصر الجيش السوري أحياءَ ومدنًا تسيطر عليها المعارضة، فحرم تلك المناطق من القدرة على إطعام نفسها. إذًا استُخدِم التجويع سلاحًا للحرب، وأصبح القمح –الذي كان يُستخدم لكسب ولاء السكان في العقود السابقة للثورة– سلاحًا قويًا للدمار الشامل منذ عام 2011 في المناطق التي حرّرتها المعارضة. من المهمّ هنا ملاحظة أنّ النظام سعى أيضًا أثناء الثورة إلى تحويل كميات كبيرة من القمح من معاقل المعارضة إلى مناطق سيطرته، وذلك عبر عرض سعرٍ جذّاب على المزارعين المنتجين للقمح، بتمويل من الحكومة الإيرانية.

في القسم التالي، تستعرض الدراسة نموذجًا لاستراتيجية الحرب التي استخدمت الخبز سلاحًا في المناطق المُحَرَّرة، والمقاومة الثورية والشعبية لتلك الاستراتيجية. تستعرض الدراسة محطات مهمة على امتداد دورة الخبز (التي تبدأ من الإنتاج ثم التوزيع وتنتهي باستهلاك الخبز) في منبج، وهي مدينة في شمال سوريا وعدد سكّانها 200 ألف نسمة.

على مدار عام تقريبًا، بدءًا من 2011، نظّمت التنسيقيات في الأحياء السكنية مظاهرات وتحركات سلمية مبتكرة في منبج. بلغت هذه العملية ذروتها في فرار قوات الأمن والشرطة من المدينة في يوليو/تموز 2012، عندما تم تحرير منبج سلميًا. بعد التحرير، شكلت التنسيقيات المجلس الثوري وبدأت العمل بفعالية لتأهيل المدينة وجعلها قابلة للحياة، وذلك رغم العنف الجاري الذي اتخذ صورة غارات جوية أسبوعية من القوات الجوية السورية. وفي تلك الفترة، أعاد سكان المدينة إنعاش مؤسسات منبج، إذ بنوا مؤسسات جديدة من أسفل إلى أعلى، وتوصلوا إلى أفكار مبتكرة لحل مشاكلهم الكثيرة. كما بدأ المجلس الثوري ومجموعات النشطاء في المدينة عمليةَ تطهير واقتلاع لآثار حزب البعث، إذ استعانوا بمزيج من المعارف التقليدية والممارسات التحررية. ويُعدُّ النظام القانوني الذي ابتكرته المدينة في فترة 2012 و2013 مثالاً دالًا. كان ذاك النظام يستند إلى القانون العربي الموحد، والتقاليد القبلية، والمعارف المحلية، مع مناقشة نصوص القانون المختلفة في الاجتماعات الشهرية لمجلس أمناء الثورة.

وفي خلال فترة 18 شهرًا دامت في أثنائها المرحلة الثورية المذكورة (في يناير/كانون الثاني 2014 طُرِدت القوّات الثورية من المدينة عندما احتلها تنظيم الدولة الإسلامية – داعش)، أُعيد تنظيم جغرافيا الخبز بمنبج. أُعيد تشكيلها بالشكل الذي نناقشه في الفقرات التالية.

لا يمكن تعميم سياسة الخبز المتّبعة في منبج بالضرورة على مناطق أخرى، لكنها تقدّم نموذجًا مهمًا لفهم العملية الثورية الدائرة في المستوى الشعبي أثناء الثورة السورية. كان إنتاج وتوزيع الخبز خارج شبكات النظام عملية شديدة الصعوبة، لكنها كانت ضرورية ومهمة. يهدد نجاح هذه العملية صورةَ النظام الذي بنى شرعيّته –كما ناقشنا أعلاه– على إنتاج الخبز بسعر رخيص. مثّلت جغرافيا الخبز الجديدة في منبج والمناطق المحررة تهديدًا وجوديًا للنظام، ما يفسّر تمادي النظام وهجومه المتكرّر على إنتاج القمح وتخزينه واستهلاكه في المناطق المحررة.

ففي تلك الفترة كانت توجد في منبج إحدى أكبر المطاحن في شمال سوريا. وكانت قدرتها الإنتاجية على الطحن تتجاوز ما يصل إلى 450 طن قمح يوميًا، وتكفي تلك الكمية لإطعام مليون نسمة.[10] وتتجاوز هذه الكمية احتياجات منبج والمناطق المحيطة بها. بعد تحرير المدينة في يوليو/تموز 2012، استمرت خلايا موالية للنظام بالتواجد في المدينة، واستمرّ النظام في إمداد منبج بالقمح عبر جهازه البيروقراطي الواسع (أثناء تلك المرحلة الأولى كان هناك أمل باسترداد المدينة سريعًا). وبينما كانت عشرات الفصائل تقاتل النظام في منبج، لم تكن لديها الموارد الكافية للتخلص من بيروقراطية الدولة من المدينة بالكامل. في البداية لم يتمكن المجلس الثوري من توفير القمح بسعر زهيد، أو من تسديد رواتب وأجور عمال المطاحن والموظفين العموميين الآخرين، واضطر لقبول مساعدة النظام وتواجده غير المباشر في المدينة، ما ترتّب عليه عواقب خطيرة. لكن المجلس الثوري في المدينة كان يعرف أنه لن يتمكن من الاستمرار في الاعتماد على شبكة النظام، وأنه سيحتاج إلى تهيئة حلول بديلة. من ثمّ بدأ بالتفاوض مع المدن القريبة –مثل عفرين والرقة– على بناء شبكات تضامن ثوري فيما يخص الخبز. كان الهدف منها هو توزيع القمح بالتساوي بين المدن المشاركة في الشبكة، ومساعدة المناطق التي تعاني من النقص.

لم ينجح عمل دورة القمح الجديدة طوال الوقت، لأنّه كان على المجالس الثورية في المناطق المحررة –وتشمل منبج– الحفاظ على توازن دقيق بين المطالب المحلية والاستراتيجية الإقليمية صعبة التحقق. على سبيل المثال، رفض مجلس الرقة الثوري تسليف منبج معداته الباهظة لإصلاح انقطاع الكهرباء، وذلك رغم العلاقات الطيبة بين المدينتين، إذا أن مجلس الرقة كان يخشى أن تسرق مجموعةٌ فاسدة من الجيش السوري الحر المعداتَ لدى عبورها حاجزٍ أمني على الطريق بين المدينتين. ردّ مجلس منبج الثوري بالتهديد بقطع المياه عن ريف الرقة الغربي ووقف إمداده بالخبز. فرض هذا ضغوطًا على المدينة التي قبلت في النهاية تسليفَ المعدات لمنبج.[11]

يظهر للعيان ضمن هذه الظروف مدى صعوبة نجاح تلك المساعي، فقد جعلت ندرةُ الموارد وتواجدُ مجموعات عسكرية بأجندات مختلفةٍ التعاونَ بين مختلف المجالس الثورية عملية معقدة للغاية.

انطوت عمليّة استبدال شبكات الدولة البيروقراطية بشبكات ديمقراطية على تحديات جمّة. لم ترقَ السياسة الثورية بالمدن المحررة بسهولة إلى المستوى الإقليمي. تصرّفت مدن عديدة في المنطقة وكأنها دولة مدينة أثناء تلك الفترة. فرغم سياسة الودّ والأيديولوجيات المشتركة، كانت بعض المدن غير قابلة لمشاركة مواردها الحيوية (وتشمل القمح). فبدلًا من مشاركتها الفوائض مع مدن أخرى كانت بأمسّ الحاجة إليها قامت بتخزينها خوفًا من نقص الغذاء الذي يسبّبه حصار النظام. وأدركت منبج مثلما أدركت المدن المحررة أن التخلص من آثار عقود من بيروقراطية الأسد وتهيئة نظام بديل عملية صعبة وشاقة للغاية.

مثّلت القوّة العاملة إحدى التحديات الرئيسة التي واجهتها القوات الثورية في منبج فيما يتّعلق بمطحنة المدينة. إذ استمر مدير المطحنةً ومعه نحو 100 موظف آخرين بتلقي رواتبهم من النظام بعد تحرير المدينة في يوليو/تموز 2012، كجزء من استراتيجية النظام للحفاظ على السيطرة على المؤسسات الحيوية في المدينة. في عام 2013، هدّد المدير والموظفون بالمغادرة، وذلك بسبب تكرّر التدخلات من قبل عدة أشخاص نافذين في المدينة. لتفادي عواقب هذا القرار جهّز المجلس الثوري فريقًا من المتطوعين ليتابعوا عمل فنيّي ومهندسي المطحنة، ليكتسبوا المهارات اللازمة لتشغيل المطحنة بصورة مستقلّة. وبهذه الطريقة، سعى المجلس الثوري إلى تعزيز استقلال المدينة.

والتحدي الآخر –الأكثر عنفًا– الذي واجهته منبج إبان تلك الفترة كان الاستهداف المتعمد لطوابير الخبز أمام المخابز، كما أوضحنا في مطلع المقال. في أغسطس/آب 2012، بدأ نظام الأسد حملة غارات جوية استهدفت المخابز في المدن المحرّرة. كانت مخابز منبج أهدافًا سهلة لقلّتها ولمواقعها المعروفة. وردًا على تلك الهجمات الدامية وبعد مشاورات مع عدة أطراف بالمدينة، قرر المجلس الثوري توزيع الخبز في مختلف الأحياء، وذلك لتجنب التجمعات أمام الأفران. استعان المجلس بعدد كبير من الشباب الباحثين عن عمل ووزّعهم على أحياء عدّة لتوزيع الخبز. ولتجنب بيع الخبز في السوق السوداء بأسعار باهظة، نفّذ المجلس عملية إحصاء لتسهيل توزيع الخبز، جُمعَت بموجبها بيانات هائلة عن أعداد العائلات في كل حي واحتياجات كل أسرة. ثم قام المجلس بترشيد الخبز بناءً على تلك البيانات. سمح هذا النموذج للمجلس بخلخلة مركزية توزيع الخبز ومن ثم بإنهاء فترات الانتظار المطولة أمام المخابز. لكن من مشكلات عملية الإحصاء المذكورة أن الوافدين الجدد من اللاجئين لم يكونوا ضمن التعداد، فلم يتمكّنوا من شراء الخبز المدعوم. نتيجة لهذا اضطروا إلى شراء الخبز من السوق السوداء بضعف أو ثلاثة أضعاف سعر الخبز المدعوم. تُظهر العملية هذه الصعوبات التي واجهت إنشاء الشبكات الجديدة في المناطق المحررة.

كما يظهر من المناقشة أعلاه، كانت المخابز والمطاحن مؤسسات ضرورية وحيوية في نظام الأسد، وحافظت على أهميتها في المناطق المحررة بعد 2011، إذ يُعدّ الخبز غذاءً أساسيًا للسوريين، ويعتمد الكثيرون منهم عليه للبقاء على قيد الحياة. ومع تحرير منبج، اعتبر المجلس الثوري إنتاج وتوزيع الخبز أولوية أساسية. الحق أن الخبز والحرية يُمثّلان كُلًّا واحدًا؛ فلا معنى لتحرير المدينة في نظر كثيرٍ من السكان إذا كانت الظروف الحياتية ستتدهور نتيجةَ تحريرها. كان المجلس الثوري يعي تمامًا أن نجاحه يعتمد على قدرته على توفير الخبز بنفس السعر المتوفّر في المناطق التي يسيطر عليها النظام. بالمثل، فَهمَ النّظام أن الثورة ستفشل إذا لم تتمكن من تقديم الخبز الرخيص للسكان الذين يعيشون في المناطق المحررة. وفي هذا السياق، جهّز المجلس الثوري لجنة خاصة لفحص مختلف السيناريوهات ولاقتراح استراتيجيات توفّر الخبز بسعر زهيد. وكما أوضحنا أعلاه، تمكّن المجلس –بتعداده السكانَ لغاية توزيع الخبز– من حل مشكلة الخبز المباع في السوق السوداء إلى حدٍّ بعيد، لكنه واجه مشكلات أعقد متّصلة بتوفير الخبز. من المشكلات كانَ تواجد أعداد كبيرة من الكتائب العسكرية (بما يشمل تلك المكونة من عائلات وعشائر نافذة)، وكانت تستهلك الخبز من الإمدادات المخصصة للمدينة، من دون أن تكون جميعها تقاتل النظام في حقيقة الأمر. من المفهوم أن سكان منبج انتقدوا الفصائل التي أخذت الخبز ولم تقاتل، ووصفوها بـ «كتائب الخبز»، لكن لم يكن للقوى الثورية التي كانت تقاتل النظام الوقتَ أو المواردَ لفتح جبهة جديدة داخل المدينة لطرد «كتائب الخبز» هذه التابعة للثورة المضادة.

مشكلة أخرى واجهت المجلس الثوري في منبج كانت الحاجة إلى منع أية فصائل عسكرية نافذة ناشطة في المدينة من السيطرة على المطاحن واحتكار توزيع الخبز. كانت حراسة المطاحن عملية صعبة لأنّها تقع على مشارف المدينة وهي معرّضة لخطر الهجمات. على سبيل المثال، سيطرت جماعة أحرار الشام الجهادية القوية على المطاحن في عام 2013، بذريعة أن إدارتها فاسدة وتفتقر إلى الشفافية المالية. كان قائد أحرار الشام يأمل في اكتساب ولاء السكان عند تقديمِه الخبزَ لهم بسعر زهيد. لكن خطته فشلت؛ إذ عارضت المدينة بالكامل التدخل العسكري في الشؤون المدنية، ولم يوافق السكان على الاستيلاء على المطاحن. نحّى المجلس الثوري وعدة مجموعات نافذة في المدينة خلافاتهم جانبًا ونظّموا مظاهرات ضد أحرار الشام، ما اضطرها إلى ترك المطاحن.

الخاتمة

حقّق النظام السوري هدفين بتنفيذه عملية إصلاح الأراضي في الستينيات: قوّض سلطة الأوليغاركية المالكة للأراضي وبنى قاعدة من الفلاحين الموالين له في المناطق الريفية. كما بلغ درجة من الأمن الغذائي كانت ضرورية لإحكام قبضة النظام على السلطة. وتطلّبت تلك المساعي شبكة بيروقراطية وشبكة بنية تحتية كبيرة وممتدة مكوّنة من مؤسسات مالية واتحادات ومخازن حبوب وسدود ونظم ريّ ومطاحن ومخابز ومزارع جماعية وأخرى فرديّة المِلكيّة، إلخ. استُخدِمت هذه العُقد على امتداد المنظومة البيروقراطية وشبكة البنية التحتية لزيادة السيطرة على السكان في المناطق الريفية.

وأثناء ثورة 2011 ضد نظام الأسد، أعاد النظام تشكيل سياسته الخاصة بالخبز، إذ كيّفَها لتوائم سياق الحرب. في المناطق الخاضعة لسيطرته حاول النظام الحفاظ على شبكات الخبز قدر الإمكان. لكن في المناطق المحررة، وكما يظهر من حالة منبج، استخدم النظام الخبز سلاحًا، بما يشمل تحويل آلة القتل الضخمة لديه إلى استهداف السوريين الجائعين المصطفين في طوابير أمام المخابز، ومن خلال إحراقه لحقول القمح.

كما فحص هذا المقال مختلف أشكال المقاومة في منبج، مع محاولة الأطراف الثورية تهيئة جغرافيات جديدة للخبز. أظهر المقال سُبلَ استهداف المدينة بهجمات متكررة من قبل النظام حتى مع استمرار الحكومة في دفع رواتب العاملين في مطحنة المدينة وفي إمداد المطحنة بالقمح. وكما ناقشنا أعلاه، يمكن فهمُ هذا التناقض على ضوء تصميم النظام الاحتفاظ بالبيروقراطية المركزية التي بناها على مدار السنوات الخمسين السابقة. كما استهدف سحق أية عمليات قد تُقدّم بدائلَ للنظام أو تمهّد الطريق لسوريا في مرحلة ما بعد الأسد. ومن ثمَّة سعت القوى الثورية في منبج الى بناء جغرافيا بديلة للخبز –ولو لفترة قصيرة–لإسقاط العقد الاجتماعي الأسدي الذي تمثّل في تقديم إصلاحات الأراضي والخبز الرخيص مقابل امتناع السكان عن المشاركة السياسية. بعد عام 2011، أظهر الثوار في منبج والمناطق الأخرى المعنى العميق للاستقلال الذاتي ومعه التحديات الكبيرة التي تنهض أمام تحقّقه.

نبذة عن الكاتب/ة

ياسر منيف أستاذ مشارك في مجال علم الاجتماع في معهد الفنون الليبرالية في كلية إيمرسون في بوسطن. شارك في تأسيس الحملة العالمية للتضامن مع الثورة السورية. وهو أيضًا مؤلّف كتاب «الثورة السورية: من سياسة الحياة إلى جيوسياسة الموت».

تشكّرات

ترجمة من الانجليزية: عمرو خيري

مراجعة وتدقيق: ياسمين حاج وغسان بن خليفة

صور بيانية: فرات شهال الركابي

تمّ دعم هذه النشرية من قبل مؤسسة روزا لكسمبورغ من خلال الدعم المقدم لها من وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية للجمهورية الاتحادية الألمانية . يمكن الاقتباس من هذه النشرية أو أي جزء منها مجانا طالما تتم الاشارة إلى النشرية الأصلية.

محتوى هذه النشرية هو المسؤولية الحصرية للمؤلف ولا يعكس مواقف مؤسسة روزا لوكسمبورغ

قراءات إضافية

Batatu, H. (1999) Syria’s Peasantry, the Descendants of its Lesser Rural Notables, and their Politics. Princeton: Princeton University Press.

Gopal, A. and Hodge, J. (2021) ‘Social networks, class, and the Syrian Proxy War’, New America. Available at: https://www.newamerica.org/international-security/reports/social-networks-class-and-the-syrian-proxy-war/ [Accessed 18 October 2021].

Munif, Y. (2020) The Syrian Revolution: Between the politics of life and the geopolitics of death. London: Pluto Press.

Pearlman, W. (2018) We Crossed a Bridge and it Trembled: Voices from Syria. Custom House.

Saleh, Y. H. (2017) The Impossible Revolution. Chicago: Haymarket Books.

Yassin-Kassab, R. and Al-Shami, L. (2016) Burning Country: Syrians in revolution and war. London: Pluto Press.

[1] تستند هذه المقالة إلى الفصل الرابع من الكتاب التالي:

Munif, Y. (2020) The Syrian Revolution: Between the politics of life and the geopolitics of death. London: Pluto Press.

[2] Hinnebusch, R. (2011) ‘The Ba’th’s Agrarian Revolution (1963–2000)’, in R. Hinnebusch, A. El Hindi, M. Khaddam and M. Ababsa (eds.) Agriculture and Reform in Syria. University of St Andrews Centre for Syrian Studies. pp. 3–14.

[3] حزب قومي عربي أسسه ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار عام 1943. دعا إلى الوحدة بين الدول العربية. أصبح الحزب الحاكم في العراق ولا يزال في السلطة في سوريا.

[4] Batatu, H. (1999) Syria’s Peasantry, the Descendants of its Lesser Rural Notables, and Their Politics. Princeton: Princeton University Press. p. 37.

[5] كان التركيز على إنتاج القمح خيارًا استراتيجيًا، حيث يوفر الخبز 40 في المائة من السعرات الحرارية التي تتناولها الأسرة السورية المتوسطة.

[6] حدثت المرحلة الأولى من التحرير الاقتصادي خلال حكم حافظ الأسد في 1971-1972

[7] Aw-Hassana, A., Ridab, F. Telleria, R., and Bruggeman, A. (2014) ‘The impact of food and agricultural policies on groundwater use in Syria’,  Journal of Hydrology 513: 204–15.

[8] Ababsa, M. ‘Agrarian counter-reform in Syria (2000–2010)’, in R. Hinnebusch, A. El Hindi, M. Khaddam, M. and M. Ababsa (eds.) Agriculture and Reform in Syria. University of St Andrews Centre for Syrian Studies. pp. 83–107.

[9] Razak, A.A. (2013) ‘Syria’s wheat crop is the worst in 40 years’, Al-Araby, 24 June 2013.

[10] مقابلة مع شخص في منبج في 11 يوليو/تموز 2013.

[11] مقابلة مع شخص في منبج في 11 يوليو/تموز 2013.